جمعية الفنانين الكويتيين

بقلم : د.خالد القلاف

يسعى إلى تأصيل التراث الشعبي ومواصلة مسيرة الرواد

الخصائص الفنية لأغنية البحر بدولة الكويت

( الحلقة 25 )

هذا الكتاب يسلط الضوء على أثر الأغنية الشعبية في حياة شعوب دول الخليج العربية، ويبحث جملة من فنون أغاني البحر في الكويت.

ويهدف د.خالد علي القلاف، مؤلف الكتاب، الذي حمل عنوان «الخصائص الفنية لأغنية البحر بدولة الكويت»، وتنشره «عالم الفن» على حلقات، إلى تأصيل التراث الشعبي، ومواصلة مسيرة جيل من الرواد الذين اشتغلوا في هذا المجال الخصب، والكتاب يتكون من 261 صفحة ويتوزع على خمسة فصول.

خصائص أوزان الشعر الشعبي في الأغنية الكويتية

يرتبط الشاعر ارتباطاً وثيقاً بألوان الشعر المستخدمة في كل بيئة، كما تؤدي البيئة دوراً بارزاً في بلورة نمط الكلمة المستخدمة في الأغنية، وللحياة الاجتماعية دور واضح في صياغة مفاهيم الإيقاع والجرس الموسيقي لتلك الكلمة.

ومن المعلوم أن الشاعر يتفاعل مع تلك المفاهيم البيئية بحسب مقدرته الارتجالية، ضمن أوزان مألوفة في محيطه الاجتماعي؛ فينسج تلك الأوزان بأبيات من الشعر تجد صداها عند المجتمع؛ معبرة عن أحزانه وأفراحه، مراعياً ما يتناسب من إيقاعات تلائم البيئة المحلية والاجتماعية التي تحكمه.

وقد تميزت منطقة الخليج العربي بلون من ألوان الشعر يطلق عليه “الشعر النبطي”، أو الشعر الشعبي؛ حيث يعد الرئة التي يتنفس منها غالبية سكان منطقة الخليج والجزيرة العربية، وهذا اللون من الشعـر العربي في مدحه، وغزله، ورثائه، وفخره، وحماسته، ومختلف صور الإبداع؛ يشكل تاريخ تلك الشعوب العربية الواقعة في هذا الجزء من الوطن العربي، الذي يمتد تاريخه الحضاري إلى أقدم العصور.

وقد ارتبط الشعر الشعبي أو النبطي أيضاً بتلك القبائل، التي كانت تؤم هذه المنطقة، غير أن الألحان المصاحبة لتلك الأشعار لم تكن قد وصلت إلى المرحلة الفنية المتكاملة؛ فالدفوف؛ والطبول كانت معروفة عند كثير من تلك القبائل، ومعرفتهم لها كانت نتيجة لتنقلهم بين الأماكن القريبة والبعيدة، الأمر الذي جعل التقدم الفني ينحصر بشكل بدائي وبسيط في الأغاني التي لا تتعدى المناسبات، كما أن هذه الأغاني محدودة التفكير والتركيب اللحني، وهي قريبة من السرد الإلقائي، ما جعل انتماء تلك الصفات إلى البداوة أمراً طبيعياً.

إضافة إلى بحور الشعر العربي، والتي قننها الفراهيدي، وقد ألم بها شاعرنا وتبحر فيها، حتى غدت ملكة لسانه المتشبع بالأصالة، والرقي، ورهافة الحس. ونحسب أن هذا العمق الذي يتحلى به الشاعر عبدالله العتيبي فيما يتصل بأساليب الغناء العربي القديم، وإلمامه بتلك الأوزان؛ يعد دليلاً آخر على أصالته وتعمقه في أساليب الغناء العربي، ولعل ذلك مما يجعل شعره ملقباً بالشعر الغنائي.

يتحدث الدكتور سالم عباس خدادة عن الزاوية الأخرى للموسيقى في قصائد الشاعر عبدالله العتيبي؛ حيث يقول: «وإذا ما أردنا الاستئناس بمسوغ لحضور بحر البسيط، والخفيف، ثم الكامل؛ فإننا نجد أن الشاعر كان مغموراً بإيقاعات هذه الأبحر، ومن المعلوم عند الدارسين، أن هذه البحور من البحور الشائعة في الشعر العربي القديم، وهو المجال الأكاديمي الذي تخصص فيه الشاعر، كما أنها من البحور الشائعة في الشعر العربي الحديث، وبخاصة المرحلة الابتداعية، التي يبدو أن الشاعر كان من المتأثرين بها، ويكفي أن ننظر إلى ديوان الشابي مثلاً لنرى شيوع هذه البحور لديه، كما أن شيوع الإيقاع يعني – من ناحية أخرى – قربه من الوجدان الجماعي، الذي نعتقد أن الشاعر – بوعي أو بغير وعي – كان يحث خطاه للارتباط به والتأثير فيه».

فالشاعر أوجد ذلك التناغم بين الأوزان الشعبية البدوية، وأوزان العرب المهملة وبحور الشعر العربي، وهو يتداولها ضمن قصائده المتنوعة، التي جعلت منه في أعين أصحاب الموسيقى والأدب شاعراً غنائياً، بل يلاحظ المتخصص ذلك التناغم الهارموني في تركيب القصيدة عندما يجمع أسلوب غناء المربوع ضمن لهجة كويتية حضرية؛ وذلك حيث يقول:

يا لا يمي في الهوى زاد العتاب

  ما تدري إن الهوى ليل وعذاب

وأيام فيها انطوى عمر الشباب

  وأسرار قلب حوى ذاك الغـرام

أو يتبع أسلوب غناء المويلي المخصص لغناء السنكني في حياة البحر على وزن

 (مستفعلن فاعلاتن)؛ متبعاً بذلك خطى أوزان الأولين من أمثال: الحميدي بن منصور، وابن عروس المصري، المتوفى 1780م، اللذين اشتهرا بهذا الوزن الإيقاعي البحري؛ حيث نجد ابن عروس المصري يقول:

مسكين يـا طابخ الــفاس

  تبغي مرق من حديده

إن عورك ضرس الأضراس

 أدواه شلـــع الحديده

التقطيع:

مس كي ن يا / طا ب خل فاسْ   تب غل م رق / من ح دي ده

/ه/ه//ه      /ه//ه/ه ه      /ه/ه//ه     /ه//ه/ه

مستفعلن     فاعلاتان       مستفعلن    فاعلاتن

كما نجد الحميدي بن منصور يقول على الوزن نفسه:

يا عبرتي من مكلا   

أسند على خورفكان

وتجيك سبع الجزاير  

وأم الفيـارين جدام

التقطيع:

يا عب ر تي / من م كل لا   أس ند ع لى / خو ر فك كانْ

/ه/ه//ه      /ه//ه/ه     /ه/ه//ه     /ه//ه/ه ه

مستفعلن     فاعلاتن    مستفعلن    فاعلاتان

تلك الأوزان، التي انفرد بها المجتمع الكويتي في أغاني البحر، ضمن مصطلح

(المويلي)، في غناء السنكني تحديداً، وهذه الميزه واكبت المسيرة التاريخية لهذا اللون الغنائي الفريد، وقد استمدها شاعرنا من نبع تلك الأصالة العريقة؛ لينسج عليها أغنية:

يا دمعتي ودعينـي 

يا فرحتي عانقينـي

وارقص دلالا وتيها

 يا بدر بين الغصوني

التقطيع:

يا دم ع تي / ود د عي ني   يا فر ح تي / عا ن قي ني

/ه/ه//ه    /ه//ه/ه      /ه/ه//ه    /ه//ه/ه

مستفعلن    فاعلاتن      مستفعلن    فاعلاتن

الخاصية الإيقاعية في الغناء العاطفي في دولة الكويت

يتميز الشاعر عبدالله العتيبي بكونه أحد الشعراء القلائل، الذيـن مارسوا الشعر الغنائي، ضمن ثوابت وأوزان لبحور نسجها المولدون في العصر العباسي، وتداولته بادية الجزيرة العربية عبر الأزمان، محافظاً بذلك على إرث غنائي عربي امتدت جذوره في أعماق التاريخ، بل يجد المتأمل في كلماته ثوابت اللهجة الكويتية الحضرية؛ ممزوجة بأوزان البادية، ويجسدها الملحن بإيقاع البحر، تأكيداً للهوية الاجتماعية، التي يتكون منها النسيج الاجتماعي الكويتي عبر التاريخ، فعلى سبيل المثال: من الأوزان الغنائية، التي تعامل بها في الأغنية الحديثة أساليب غناء المربوع، والمربوع يعد أحد الألوان الغنائية، التي اشتهرت في العصر العباسي عند البادية، وقد ذكرها ابن خلدون في مقدمته؛ حيث قال: «ولهم فن آخر كثير التداول في نظمهم يجيئون به معصوباً على أربعة أجزاء يخالف آخرها الثلاثة في رويه، ويلتزمون القافية الرابعة في كل بيت إلى آخر القصيدة تشبهاً بالمربع والمخمس وغيرهما مما أحدثه المتأخرون من المولدين».

والمربوع من فنون الشعر الشعبي الغنائي المشهور عند بادية شبه الجزيرة العربية؛ حيث يعتمد الشاعر على استخدام حرف روي معين يلتزم به في الأشطر الثلاثة الأولى ويخالفه بحرف مختلف في الشطر الرابع، كما في المثال الآتي:

– م   – م

– م   – ب

وقد استمد الشاعر عبدالله العتيبي هذا الموروث العربي ضمن تأليفه لأغنية يا ساهر الليل، من ألحان أحمد باقر، الذي ترجم هذا المربوع في صورة تحاكي حياة البحر ضمن إيقاع (الدواري)، وباستخدام النهمة التي تغنى بها الفنان عوض دوخي:

إيقاع دواري:

 

كما استحدث الشاعر عبدالله العتيبي شطراً استهلالياً في بداية القصيدة المربوعة؛ ليشير فيه إلى تأكيد حرف (الميم)؛ الذي يلتزم به في عمليه التربيع؛ حيث جعله الفنان أحمد باقر موالاً بأسلوب النهمة؛ وذلك في بداية دخول الأغنية المبنية على مقام الراست مصوراً على درجة اليكاه مراعاة للطبقة الصوتية الغليظة، التي يتحلى بها الفنان عوض دوخي، ومثاله:

يا ساهر الليل

يا ساهر الليـل مثلـي ما تنام

ذكرتنـي بالأحبـة يا حمــام

ــ

يا لا يمي في الهوى زاد العتاب 

ما تدري إن الهوى ليل وعذاب

وأيام فيها انطوى عمر الشباب 

 وأسرار قلب حوى ذاك الغـرام

ــ

حالي أنا عقبهم ظيم وظرار  

مالي سوى حبهم لو شنهو صار

عيني على دربهم ليل ونهار  

أرعـى عهود لنـا فيها إنسجام

ثانياً: أغنية يا دمعتي:

لحن الأستاذ أحمد باقر وغناء الفنانة علية التونسية:

ويتوافق وزن هذه الأغنية في كل شطر مع وزن مجزوء المسحوب، أو وزن المويلي البحري: (مستفعلن فاعلاتن /ه/ه//ه /ه//ه/ه)، ومن المعلوم أن بحر المسحوب من الأوزان الأكثر شيوعاً في غناء أهل البادية في الجزيرة العربية؛ حيث يبني كل شطر منه كالآتي: مستفعلن مستفعلن فاعلاتن في كل شطر.

 وعلى الرغم من أنه من فنون البادية ويؤدى على آلة الربابة، إلا أن الكثير من شعراء الحضر تعاملوا مع هذا الوزن في قصائدهم ضمن لهجة تميل إلى لهجة البادية، أو اللهجة النجدية، ومن أشهر هؤلاء الشاعرة موضي العبيدي في قولها:

ألله من علم لفا به إقرينيس

 ياليت منهو ميت ما درابه

التقطيع:

أل لا هـ من/ عل من ل فا/ به ق ري نيس  يا لي ت من/ هو مي ي تن/ ما د را به

/ه/ه//ه     /ه/ه//ه     /ه//ه/ه ه     /ه/ه//ه    /ه/ه//ه    /ه/ /ه/ه

مستفعلن     مستفعلن    فاعلاتان      مستفعلن   مستفعلن     فاعلاتن

ويلاحظ أن وزن مجزوء المسحوب دخل على الفنون البحرية بوصفه لوناً غنائياً يطلق عليه المويلي تصغيراً للموال، وهو مـرادف للمـوال، الـذي يطلـق عليـه (النهمة) في غناء البحر؛ حيث يستخدم فيه شعر الزهيري، غير أن المويلي يعتمد على أوزان البادية ولا يغنى إلا في فن السنكني، ومثاله:

شلنا أتكلنا على الله

  ربي عليك اتكالي

يا سيد المرسلينا  

 اشفع لنا كل حينا

التقطيع:

شل نت ت كل/ نا ع لل له   رب بي ع لي/ كت ت كا لي

/ه/ه//ه      /ه//ه/ه     /ه/ه//ه      /ه//ه/ه

مستفعلن     فاعلاتن     مستفعلن     فاعلاتن

وهذا البحر من أوزان بادية الجزيرة العربية، التي تتعامل مع اللهجة البدوية غالباً، إلا أن الشاعر عبدالله العتيبي نسج عليه باللغة العربية الفصيحة؛ الأمر الذي يؤكد براعة هذا الشاعر، وتمكنه من توظيف اللغة العربية الفصيحة ضمن أوزان شعبيـة.

 ويرجح بعض الباحثين في الأدب الشعبي أن بحر المسحوب يعد امتداداً للبحر الطويل؛ حيث اعتراه (الخرم في بداية التفعيلة والحذف في نهاية الشطر) ومثاله:

وينسب بعض أصحاب العروض مجزوء المسحوب (المويلي) إلى بحر المجتث، إلا أن المتفحص لبحر المجتث يلاحظ أن التفعيلة الأولى تتكون من (مستفع لن) وليس (مستفعلن)، وبرغم أن التصويت النغمي للتفعيلتين متشابه في أذن المستمع إلا أنهما في تدوين العروض الموسيقي مختلفان كما في المثال الآتي:

ومن هذا التباين الواضح في التدوين الموسيقي للتفعيلتين، يتضح أن بحر مجزوء المسحوب (المويلي) مختلف عن بحر مجزوء المجتث، إضافة إلى أن بحر المجتث يتكون من التفعيلات الآتية: (مستفع لن فاعلاتن فاعلاتن)، إلا أنه يأتي دائماً مجزوءاً: (مستفع لن فاعلاتن). أما بحر المسحوب، فيتكون من التفعيلات الآتية: (مستفعلن مستفعلن فاعلاتن)، ويأتي تاماً ومجزوءاً، بالإضافة إلى أن وزن المويلي (مستفعلن فاعلاتن) يعد تشطيراً لبعض الألوان الغنائية في الفنون السبعة، التي ابتكرها المولدون في العصر العباسي بما يعرف بفن (الكان وكان)، الذي يأتي وزنه (مستفعلن فاعلاتن  مستفعلن مستفعلن) ومثاله:

يا قاسي القلب مالك

تسمع وما عندك خبر

التقطيع:

يا قا س يل/ قل ب ما لك   تس مع وما/ عن دك خ بر

/ه/ه //ه     /ه//ه/ه     /ه/ه//ه     /ه/ه//ه

مستفعلن    فاعلاتن    مستفعلن    مستفعلن

وقد وظف الملحن أحمد باقر هذا الوزن الشعبي على إيقاع الصوت الشامي، وهو من الإيقاعات العربية، التي يرجع أصلها إلى العصر العباسي، وصاغ اللحن من مقام الحجاز كار على درجة الراست ومثاله:

كما اعتمد الشاعر عبدالله العتيبي على تنوع بحور الشعر في هذه القصيدة؛ منتهجاً بذلك قوالب التأليف للصوت سواء العربي، أو الشامي؛ حيث يعتمد على نهاية للصوت يطلق عليها مصطلح (توشيحة)، وهي من بحر مجزوء البسيط، وتختلف في الميزان الشعري عن بحر القصيدة المغناة.

صوت يا دمعتي

يا دمعتي ودعينـي 

يا فرحتي عانقينـي

ورقص دلالا وتيها

 يا بدر بين الغصوني

ــ

وسأل صباح الأماني 

متى تراه عيونــي

مواكب من أمانــي 

تراقصت في خيالي

ــ

من وقعها زاد شوقي

 يا ليل رفقـاً بحالي

من لوعتي وانشغالي

 للفجر طال حنيني

ـــ

يـا ساكنـاً في فؤادي  

رغم الجفا والبعادي

ففـي غـد حين تأتـي  

أسقيك شهد الودادي

في زورق سوف تمضي

 في عالم من فتونـي

ــ

توشيحة الصوت

ليلـي وإن طال طيف  

منك يا أملي

يدنيك منـي ويطفـي  

نار أشواقـي

والقلب ما زال رغم الـ 

 بعـد يشرحلي

ذكرى تلاقــي فتسري 

 بين أعراقـي

ثالثاً: أغنية لا يا قلبي:

اعتمد الشاعر عبدالله العتيبي في هذه الأغنية على تداخل لأوزان بحور شعبية، تجمع بين وزن الشيباني، ووزن الصخري، اللذين ينتميان في الأصل إلى بحر (الهزج)، وبرغم أن بحر الهزج في دائرته ثلاثي التفعيلة، فإنه لا يأتي إلا مجزوءاً؛ بواقع تفعيلتين في كل شطر (مفاعيلن مفاعيلن //ه/ه/ه //ه/ه/ه). أما وزن الشيباني، فيلاحظ ورود أربع تفعيلات (مفاعيلن) في الشطر الواحد، ووزن الصخري يأتي بثلاث تفعيلات في الشطر الواحد؛ مما يجعل إطلاق الصفة عليهما بمصطلح (الهزج النبطي) أمراً وارداً.

ومن أمثلة وزن الشيباني للشاعر لويحان:

ألا يا مرحبا باللي لفانا من بعيد الدار

 على يخت مع الغبة مواريده مصاديره

التقطيع:

ألا يا مر/ ح با بل لي/ ل فا نا من/ ب عي دد دار

//ه/ه/ه   //ه/ه/ه    //ه/ه/ه   //ه/ه/ه ه

مفاعيلن   مفاعيلن    مفاعيلن   مفاعيلان

ومن أمثلة الصخري:

غريب الدار ومناي التسلي

 أسلي خاطري عن حب خلي

التقطيع:

غ ري بد دا/ ر وم نا يت/ ت سل لي 

//ه/ه/ه     //ه/ه/ه    //ه/ه    

مفاعيلن    مفاعيلن    فعولن

ومن تحليل كلمات أغنية (لا يا قلبي) للشاعر عبدالله العتيبي، يلاحظ أن مقاطع المذهب وبعض الأغصان تعتمد على وزن الهزج الرباعي أو (الشيباني) ومثاله:

لا يا قلبي أنا تكفي الابتسامة من حبيبي

التقطيع:

 لا ي قل بي/ آ ن تك في/ لب ت سا مه/ من ح بي بي

/ه//ه/ه     /ه//ه/ه    /ه//ه/ه     /ه//ه/ه

فاعلاتن     فاعلاتن    فاعلاتن    فاعلاتن

أما الأغصان، فتعتمد على وزن الصخري أو الهزج الثلاثي ومثاله:

ما يحاكيني ويصد وأسهر ليالي

التقطيع:

ما ي حا كي/ نو ي صد وس/ هر ل يا لي

/ه//ه/ه     /ه//ه/ه     /ه//ه/ه

فاعلاتن     فاعلاتن     فاعلاتن

لذا فتنوع الأوزان الشعبية في القصيدة الواحدة سمة الشعر الغنائي، الذي يطلق العنان للملحن في تحديد المذهب والأغصان المتنوعة على مختلف المقامات الموسيقية. ويتيح للملحن اختيار الإيقاع المناسب لكل مذهب كأنه ترجمة لواقع اختلاف البحور في القصيدة؛ محاكياً بذلك أساليب غناء الأولين في فن الموشحات الأندلسية القديمة، التي ترتكز على تنوع بحور الشعر في القصيدة المغناة.

أغنية (لا يا قلبي) لحن الأستاذ أحمد باقر وغناء الفنان شادي الخليج إيقاع مصمودي صغير والوحدة الكبيرة من مقام الراست على درجة الراست.

وإيقاع المصمودي الصغير، وهو يعادل إيقاع (السامري النقازي) من الإيقاعات، التي تواكب أوزان العصر العباسي بما يعرف بإيقاع: الثقيل الثاني، الذي وصفه الأرموي بقوله: فإن زمان كل دور منه مساو لزمان دور الثقيل الأول، إلا أن الموقع يسقط من نقراته عشرا ويأتي بست، وهي: الأولى، والرابعة، والسابعة، والتاسعة، والثانية عشرة، والخامسة عشرة، ومثاله قبل الحذف يكون:

o ت ننْ ت ننْ o تنْ o ت ننْ ت ننْ o تنْ o

وترجمته في التدوين الموسيقى:

لا يا قلبي أنا تكفـي الابتسامة من حبيبي

وإلا نظرة وإلا كلمة حلوة تطفي لي لهيبي

ـــ

لا يا قلبي خايف أكشف حبي له وأشرح غرامي

لا يا قلبي يبتعد عنـي ويزعــل من كلامــي

ـــ

ما يحاكيني ويصد وأسهر ليالـي

ومن صدوده يزيد شوقي وإنشغالي

ــ

إنته تدري هو غالي وأنـا سلمتك إليه

حاكم بأمره عليك وإنته ولا تقدر عليه

ـــ

لا يا قلبي لازم أشرح حبي له وأسمع كلامه

لا يـا قلبـي أنا مـا تكفيني منه الابتسامة

ــ

بكرة يسمع قصتي وأنا ونصيبي

والعذاب يهون لو بعطف حبيبي

يمكن بقلبه مثل ما فيك يا قلبي غرام

يمكن تفوت الليالي وهو مثلي ما ينام

لا يـا قلبـي أنـا تكفيني منـه الابتسامة

كان يبادلني غرامي أو يعجل في خصامه