عالم الفن .. التحديات نحو رؤية جديدة
بقلم : المخرج. عبدالله عبدالرسول
“عالم الفن” المجلة الجامعة لكل الفنون اصدرتها جمعية الفنانين الكويتيين في بداية سبعينات القرن الماضي .. كانت المجلة منارة فنية كويتية تجوب عواصم الوطن العربي .. “عالم الفن” المجلة التي لها المكانة المهمة في تسليط الضوء على قضايا الفن والفنان .. حملت على عاتقها التعريف بالفنان الكويتي والعربي وتسليط الضوء عليهما .. مجلة لعبت دورا رائدا في مسيرة الإعلام والصحافة الكويتية وتاريخها العريق شاهد على ذلك.
نستذكر بالتقدير أسماء بارزة في أسرة التحرير كان لهم الدور المهم والأساسي في مسيرة وتاريخ “عالم الفن” ونخصهم بالاعلامي القدير الأستاذ صالح الغريب مدير التحرير لعقود من الزمن وهو الصحفي القدير له بصمته المؤثرة في تاريخ الصحافة الفنية الكويتية الذي مازال محافظاً على ديمومة “عالم الفن” بعد مرور 50 عاماً من صدورها لتكمل مشوارها.
لماذا حجبت “عالم الفن” لمدة عام كامل؟
إن توقف مجلة أو جريدة في واقعنا الحالي مثل غياب كاتب أو مفكر بسبب عدم مواصلة الإنتاج الإبداعي والفكري والثقافي أو بسبب ظروف قاهره تفرضها الأحدات والمتغيرات .. إن المجلات والجرائد معالم في ثقافات الأمم وتاريخها، إنها تمثل ذاكرة جماعية ساهم فيها المبدعون والكتاب والمفكرون. ويمكن ممارسة التأريخ الثقافي لأمة من الأمم من خلال ما عرفته في حقبها المختلفة من وسائط للتواصل والتفاعل بين المشاركين فيها من منتجين ومتلقين.
كم من المجلات الثقافية العامة، والمتخصصة والشهرية والفصلية التي ظهرت في تاريخ الدول العربية الحديثة؟ ما مدى اهتمامنا بها كتراث حي ومعاصر؟ وما مدى إقدامنا على استثمار الوسائط الجديدة لجعلها في متناول القراء والباحثين؟ لذلك نتساءل هل “عالم الفن” لها القدرة على مواصلة دورها الريادي في ظل إعلام متطور متغير متحول لامجال فيه للنمطية والكلاسيكية .. هل “عالم الفن” لها القدرة على التحول الرقمي كلغة عصرية في عالم الطباعة والنشر وتداول المعلومة والخبر ؟ جميع هذه التسؤلات وضعها أعضاء مجلس إدارة جميعة الفنانين الكويتيين برئاسة أستاذنا القدير عبدالعزيز المفرج “شادي الخليج” محل نقاش وتحليل لتتمكن “عالم الفن” من الاستمرار في زخم موجة واسعة ومتشعبة لإشكال الإعلام المعاصر المتطور لحظه بلحظة.
لقد قرر مجلس إدارة جمعية الفنانين الكويتيين بتشكيل فريق لبحث كل هذه التسؤولات حول تطوير “عالم الفن” .. وقام فريق العمل على تقييم الوضع الفني والمهني للمجلة وخرج بعدة توصيات تؤكد على ضرورة ان تكون “عالم الفن” منصة إعلامية صحفية عصرية تحاكي الطموحات التي يعتزم مجلس الادارة على تحقيقها لتطوير عالم الفن وتحاكي طموحات كل فنان بأن يراها بشكل جديد وبمتناول كل الاجيال في الحركة الفنية .. وهنا اتقدم بالشكر لزملاء اعضاء فريق التقييم د.يوسف السريع والاعلامي القدير مفرح الشمري والاستاذ الناقد محمد جمعة والاستاذ محمد الخرافي وتشرفت ان اكون ممثلا عن مجلس الإدارة ضمن عمل الفريق.
نحن على قناعة حين لا نرى في الاصدارات التي تطبع حقبا من تطور الفنون العربية معالم ومآثر، ولا نعمل على استمرارها، وصيانتها، والحفاظ عليها بالتطوير فإننا نعرض ذاكرتنا الفنية للنسيان والتلاشي .. وبدون ربط مستقبلنا بماضينا .. لذا يتوجب علينا ان نحافظ على عراقة هذه المنجزات ومكانتها، ولعل التعريف بمجلة “عالم الفن” بشكل عصري يواكب الحداثة يدفع إلى البحث عن ضرورة استمرارها .. وإننا بدون هذه العلاقة مع ما تحقق سابقاً لايمكننا أبداً مواكبة أهمية الاصدار والنشر برؤية عصرية، ذلك من أجل التفكير في تاريخ مفترض يقدم صورة حديثة لعالم الفن .. كما أن القراءة الجادة والتحليل للموضوع تكشف الكثير من الجوانب التي لم يتم الالتفات إليها في زمانها، وهي ما تزال تفرض نفسها علينا.
تبقى “عالم الفن” محل اهتمام مجلس الادارة ومحل إهتمام لكل متابع لها .. وتبقى محل نقاش دائم للحفاظ عليها من كل الجوانب وأهمها أن تخرج للرأي العام منارة فنية تواكب كل متغيرات عصر الإعلام المتجدد النابض بالحيوية رغم التحديات الكبيرة التي تواجه مجلس الادارة وأهما الموارد المالية التي تحقق كل الآمال والطموحات التي تم ذكرها.